كرة القدم الإسرائيليّة تفتتح موسم 2025/26 وهي أمام ضائقة جادّة: الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (UEFA)، الذي يضم جميع الاتحادات الأوروبيّة (ومن ضمنها إسرائيل) يهدد بأن استمرار الحرب في غزة واستفحال حوادث العنصريّة في سياق كرة القدم الإسرائيليّة، سيضفيان شرعيّة على استبعاد الأندية الإسرائيليّة والمنتخب الوطنيّ عن مختلف البطولات. أما في الاتحاد الدوليّ لكرة القدم (FIFA)، الذي يضم جميع الاتحادات القاريّة، فهناك سيرورة طويلة بدأت قبل الحرب، يُنظر فيها بجدية في إمكانية استبعاد كرة القدم الإسرائيليّة بسبب تعاملها مع الاتحاد الفلسطينيّ وكرة القدم الفلسطينية.

احتمال استبعاد إسرائيل والأندية الإسرائيليّة من البطولات الأوروبيّة – سواء على مستوى الأندية، البطولات القاريّة للمنتخبات الوطنيّة ومنتخبات المواهب الشابّة، وربما حتى كأس العالم – قد يؤدّي إلى عواقب اقتصاديّة وخيمة بالنسبة للقطاع. فالإيرادات الناتجة عن المشاركة في بطولات الاتحاد الأوروبيّ لكرة القدم تصل إلى جميع الأندية المرخّصة إسرائيل، حتى تلك غير المشاركة فعليًا في مباريات البطولات القاريّة خلال الموسم نفسه. على سبيل المثال، بلغ دخل نادٍ صغير، مثل هبوعيل كريات شمونة، في الموسم الماضي ما يزيد عن 750 ألف شيكل فقط لكونه ناديًا محترفًا، أيّ ما يزيد عن %5 من ميزانية النادي.

أقام الاتحاد الأوروبيّ لكرة القدم مباراة “كأس السوبر الأوروبيّ”، وهو الحدث الذي يفتتح الموسم الكرويّ بشكل رسميّ. في حفل افتتاح المباراة بين الفائز بدوري أبطال أوروبا، باريس سان جيرمان الفرنسي، وبطل الدوري الأوروبيّ، نادي توتنهام الإنجليزي، حرص الاتحاد الأوروبيّ لكرة القدم على نصب لافتة بالإنجليزية، كُتب عليها: “أوقفوا قتل الأطفال. أوقفوا قتل المدنيين”. نظريًا، بإمكان الرأيّ العام الإسرائيليّ أيضًا التماهي مع لافتة كهذه. دعت منظّمة كرة القدم الأوروبيّة أطفالًا من العراق، أوكرانيا، نيجيريا، أفغانستان، ومن غزة أيضًا. ولكنّ الطفلين الغزيّين كانا الوحيدين اللذين اختارتهما المنظّمة للمشاركة في مراسم تسليم الميداليات والكأس للفريق الفائز. وفي رسالة واضحة مفادها أنّ كرة القدم الإسرائيليّة مهدّدة بالإقصاء، قال رئيس الاتحاد الأوروبيّ، السلوفينيّ ألكسندر تشفرين: “السؤال عن السبب وراء عدم تعليق عضوية إسرائيل حتى الآن هو سؤال مقبول ومشروع تمامًا”.

قد يقول بعض المشجّعين، الشخصيّات العامّة، وربما أيضًا جهات متداخلة في كرة القدم الإسرائيليّة: لن نشارك إذًا- لا يهمّنا ذلك!”. ” ولكن بالنسبة لأندية كرة القدم الإسرائيليّة ولاتحاد كرة القدم أيضًا، فإنّ الأمر مهم، بل ومهم جدًا أيضًا. في موسم 2023/24 حصل مكابي حيفا من الاتحاد الأوروبيّ لكرة القدم على أكثر من 11 مليون يورو، يليه مكابي تل أبيب بحيث حصل على أكثر من 8 ملايين يورو، وحصل هبوعيل بئر السبع على نحو 750 ألف يورو، وبيتار القدس على نحو 450 ألف يورو. وفي العام الماضي، وعقب تأهل مكابي تل أبيب لمرحلة المجموعات، حصل كل نادٍ في الدوري الممتاز على نحو 750 ألف شيكل، إضافة إلى حوالات بلغت قيمتها بعشرات آلاف الشواقل لأندية الدوري الوطني. إقصاء إسرائيل عن البطولات الأوروبيّة سيشكّل ضربة قاسية، فمن شأنه أن يؤدي إلى: انسحاب مستثمرين، تراجع مستوى اللاعبين الأجانب، خطر إغلاق بعض الأندية، وتراجع حاد في جاذبية القطاع، وربما وضع القطاع كلّه على المحك.

بالإضافة إلى التحديات التي يواجهها اتحاد كرة القدم وإدارة الدوريات في إسرائيل، يسعى الاتحاد الدولي لكرة القدم أيضًا لتغيير نهجه وتوسيع نطاق العقوبات في ظل استفحال مظاهر العنصرية والعنف، سواء من قبل جماهير المشجّعين في المدرجات أو من لاعبين وأصحاب وظائف مختلفة. زاد الاتحاد من قيمة الغرامات المالية ليجعل منها عامل ردع، وقرّر فرض عقوبة تعليق اللعب لعشر مباريات على اللاعبين الذين يتفوّهون بتصريحات عنصريّة. بالإضافة إلى ذلك، خوّل الاتحاد الحكام بوقف المباريات أو حتى إنهائها بالكامل، وأعاد فرض عقوبة “المباريات عن بعد” على مستوى المنتخبات الوطنية، إلى جانب أنزال أندية إلى دوريات أدنى. وأعلن الاتحاد مؤخرًا أنّه سيرسل خلال موسم 2025/26 مراقبين إلى الملاعب في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك إسرائيل، للتحقّق من مدى الامتثال للتعليمات بخصوص موضوع العنف والعنصريّة.

لذلك، وفي هذه الفترة تحديدًا، قبيل إطلاق صافرة افتتاح الموسم الجديد، إنّها اللحظة المناسبة لمناشدة قادة هذا القطاع، رؤساء الاتحاد، الكوادر الإداريّة في الدوريّات المحترفة، ملّاك الأندية وأصحاب مختلف الوظائف فيها، اللاعبين وجمهور المشجّعين أيضًا: كرة القدم الإسرائيليّة تحت مجهر القائمين على إدارة كرة القدم الأوروبيّة والعالميّة. سلوكياتنا جميعًا في المدرّجات، على أرض الملعب وفي الخارج، قد تلحق ضررًا جسيمًا سيفضي إلى دمار ذاتيّ، ربّما يليه استبعاد وإقصاء عالميّ. ربّما تبدو هذه القضايا هامشيّة أمام الحماسة المقترنة بمن سجل هدفًا أو بمن استبدل، لكنها في الواقع أهمّ ما في قطاع كرة القدم. إن لم تحِد كرة القدم الإسرائيليّة عن مسار العنصريّة والعنف الذي يؤدي إلى وقف المباريات، وإذا تعرّض لاعبون من أصول عربية لاعتداءات من مشجّعين أو كوادر عاملة في الأندية، وإذا تصاعدت موجة العنف أكثر فأكثر، سيتم الاستغناء عنّا على الساحة الدوليّة، الأمر الذي سينطوي على أثمان اقتصاديّة باهظة وهدّامة. إن لم ننجح في تغيير هذا التوجّه ولم تُطرح حلول مناسبة للتعام معه- ستكون كرة القدم الإسرائيليّة مهدّدة بالانهيار.

متان سيجال هو مدير برنامج “نركل العنف والعنصريّة خارج الملاعب” في چڤعات حبيبة

عقد مؤخّرًا المؤتمر السنويّ لبرنامج “نركل العنف والعنصريّة خارج الملاعب! رابط التسجيل- هنا.

صورة من صفحة الفيسبوك الخاصة بالاتحاد الأوروبيّ لكرة القدم، استخدمت وفقًا للمادة 27أ